فنّ قراءة الصمت في العلاقة الزوجية

فنّ قراءة الصمت في العلاقة الزوجية


في العلاقات الزوجية، لا يقوم التواصل على الكلمات فقط؛ فهناك مساحة واسعة بين الزوجين يسكنها الصمت، 
يحمل في طيّاته مشاعر لم تُقال، واحتياجات لم تُفصح عنها الجملة الواضحة.

وقد يظنّ البعض أن الصمت دليل جفاء أو فتور، بينما هو في كثير من الأحيان لغة خفية 

لا يجيد ترجمتها إلا من يتقن فنّ الإصغاء.


فالزوج قد يصمت لأنه مرهق، لا لأنه غاضب. والزوجة قد تنسحب لأنها تحتاج وقتًا للهدوء، لا لأنها توقفت عن

 الاهتمام. غير أن سوء الفهم ينشأ عندما يفسّر كل طرف صمت الآخر وفق تجاربه هو، لا وفق حقيقة ما يشعر به

 شريكه. وهنا تتجلى إحدى أهم مهارات العلاقة الناجحة: الاستماع لما وراء الكلمات.


إن قراءة الصمت لا تعني التجسّس على نوايا الشريك، بل تعني ملاحظة التفاصيل الصغيرة: 

نبرة النفس، طريقة  الجلوس، تغير المزاج المفاجئ، أو حتى تلك النظرة التي تخبرك أن محبوبك يحتاج حضنًا… 

وليس نقاشًا.


هذه التفاصيل لا يلتقطها إلا من يقدّم الطمأنينة قبل اللوم، ويفضّل الفهم على الفوز في الجدال.

لقد أثبتت الدراسات الحديثة في علم النفس الأسري أن القدرة على تفسير السلوك غير اللفظي بين الأزواج تقلّل من حدّة

 الخلافات بنسبة كبيرة، لأن معظم المشكلات لا تبدأ من الموقف نفسه، بل من طريقة فهمه.


وحين يتوقف الزوجان عن محاسبة بعضهما على كل صمت أو انسحاب، ويقرران بدلًا من ذلك أن يسألا:

"ماذا يحتاج شريكي في هذه اللحظة؟" تتحول العلاقة من ساحة توقعات… إلى مساحة رحمة.


إن أجمل ما في العلاقة الزوجية ألا يضطر أحدهما لشرح كل شيء؛

أن يضعف أحدهما فيفهمه الآخر،

أن يصمت أحدهما فيسمعه الآخر،

وأن يصبح الصمت بينهما جسرًا لا حاجزًا.